كلمة الشيح صادق في الملتقى التمهيدي الأول لعلماء ومشائخ اليمن

 

الخميس 14/4/2011

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أصحاب الفضيلة العلماء

إخواني المشايخ والوجهاء والشخصيات الحزبية والسياسية

آبائي وإخواني الكرام الحاضرون جميعاً

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرحب بكم أجمل ترحيب في هذا الملتقى التشاوري الذي ينعقد في ظل أوضاع بالغة الدقة وظروف خطيرة تمر بها بلادنا العزيزة الأمر الذي يضع الجميع أمام المسئولية الوطنية والتاريخية وقبل كل ذلك واجبهم أمام الله سبحانه وتعالى ثم أمام الشعب اليمني العظيم وكذلك أمام دماء الشهداء الذين بذلوا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن وخيره وتطوره واستقراره سواء شهداء ثورتي سبتمبر وأكتوبر أو الأبطال الذين حركوا عجلة التغيير إلى الأمام وسقطوا أيضا شهداء في ساحات الحرية والكرامة في مختلف المحافظات وكانوا بحق مشاعل النور التي أضاءت لنا جميعا درب الخلاص الذي نصل من خلاله بإذن الله تعالى إلى يمن الخير والحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية والتطور يمن يسوده النظام والقانون والحب والوئام والمخاواه .

الحاضرون الأعزاء

قبل أن نتحدث إليكم عن الظروف الراهنة لا بد أن نشير إلى ما قام به إخوانكم العلماء والمشائخ من جهود لمنع تفاقم الأوضاع وعدم وصولها إلى المأزق الراهن أو النفق المظلم الذي وصلنا إليه حينما أغلقت السلطة الباب أمام الحوارات الجادة وتراجعت عما توصلت إليه اللجنة الرباعية المكونة من الحزب الحاكم والمعارضة ومضت بشكل انفرادي واستفزازي في الإعداد والترتيب لانتخابات نيابية من طرف واحد رغم اعتراض كل العقلاء والشرفاء لتلك الإجراءات ورغم وجود أطراف سياسية فاعلة في الساحة ظلت تبذل المساعي الحميدة لإنجاح الحوار الوطني حتى آخر لحظة.

الأخوة الأعزاء لقد قمنا وبدافع الشعور بالمسئولية بتشكيل لجنة من العلماء والمشائخ منذ بداية فبراير الماضي بهدف تهدئة الأجواء وتقريب وجهات النظر بين السلطة المتعنتة والمعارضة وزرنا الأخ رئيس الجمهورية عدة مرات وزرنا اللقاء المشترك عدة مرات وكنا نشعر بأننا كلما اقتربنا من الحلول ابتعدت السلطة عن ذلك مما جعل الأمور تتصاعد في الشارع وحجم المظاهرات والاعتصامات السلمية المطالبة بالتغيير تزداد يوما بعد يوم والتي واجهتها السلطة بعنف دون مبرر الأمر الذي جعلنا نؤكد على رئيس الجمهورية من أول الوقت وعدة مرات أننا معه في الحلول التي تخرج اليمن من المحنة مع التأكيد على حق المعتصمين في التعبير عن أرائهم كما نبهناه إلى حرمة الدماء وأننا لن نكون معه إذا تورطت السلطة في ذلك وعندما اعتدت قوات الأمن والحرس والبلاطجه على الشباب المعتصمين في الحديدة علقنا عملنا كلجنة واسطة بين السلطة والمعارضة وشباب الثورة وهو ما لم يثني السلطة عن مواصلة قمع المتظاهرين والمعتصمين سلميا واستمر القتل في صنعاء وعدن وتعز وإب وغيرها من المحافظات ثم توجت السلطة تلك الممارسات بمذبحة جمعة الكرامة في أمانة العاصمة في الثامن عشر من مارس الماضي التي راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيد قتلوا بدم بارد بعد أن أدوا صلاة الجمعة مباشرة بالإضافة إلى المئات من الجرحى والمصابين .

لقد أدمى ذلك المشهد الدموي أبناء اليمن والعالم وبدلا من اعتذار رئيس البلاد عن تلك الجريمة النكراء وتطمين ذوي الشهداء والجرحى واتخاذ الإجراءات السريعة الكفيلة بمحاكمة المتسببين في ذلك الجرم المشهود وجدناه يلقي باللائمة على الساكنين في المنطقة وأنهم هم من اطلقوا النارعلى المعتصمين في محاولة بائسة لإلصاق التهمة بالمواطنين الأبرياء .

لقد كان يوم الثامن عشر من مارس الماضي يوما فاصلا في حياة الكثير من أبناء اليمن من مشائخ وعلماء وقادة وعسكريين وسفراء ووزراء ومثقفين وأكاديميين حيث أعلنوا وبكل وضوح انحيازهم لمطالب الثورة السلمية ودعمهم للتغيير وتوقفت جهود لجنة الوساطة من العلماء والمشائخ من حينه أما لجنة العلماء الذين استدعاهم الرئيس ورفع المصحف أمام الله والناس بأنه سيقول لهم سمعاً وطاعة لما يقرونه فقد قالت عنهم السلطة وأجهزتها الإعلامية الرسمية ما لم يقولوه وحشدت السلطة بعد ذلك الحشود لتمرير مخططاتها في تضييع الوقت وترتيب أوراقها مستندة على فتوى فريق من علماء السلطة الذين اعتبروا الاعتصامات السلمية دعوة إلى الفتنة .

آبائي وإخواني .

لم تكن الأزمة الراهنة هي القضية الوحيدة التي صنعها النظام ليمارس لعبته المفضلة (فرق تسد) بل أقول لكم وبكل تأكيد أن الحراك في الجنوب كان قد بدأ سلميا فتعاملت معه السلطة بكل قسوة وعنف مما جعل الأمور تخرج عن السيطرة حتى وصل الأمر بالدعوة علناً إلى الانفصال وبعلم السلطة وتحت نظرها.

 أما صعده فقد قامت فيها ستة حروب أكلت الأخضر واليابس وكانت تبدأ فجأة وتنتهي فجأة بالتلفون تلك الحرب التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء القوات المسلحة والمواطنين الأبرياء وتبين بعد ذلك أن من ضمن أهدافها إضعاف وإنهاك الجيش اليمني الذي اعتبرته السلطة عقبة أمام التوريث ، كما سعت السلطة من قبل ومن بعد إلى تضخيم القاعدة ووضعت لذلك القصص المختلفة لتكسب المزيد من الدعم الدولي بحجة محاربة القاعدة وكانت تارة تلقي القبض على أفراد من ذلك التنظيم وتارة تطلقهم أو تجد عذر ليهربوا من السجون لأداء مهمات محددة ثم يعودون للسجون وهكذا حتى شوهت صورة اليمن أمام الخارج الذي اعتبر بلادنا ملاذا آمناً للإرهاب مع الأسف الشديد وهذا من صنع الدولة .

أصحاب الفضيلة العلماء

الأخوة المشائخ .

إن ثورة الشباب السلمية التي أدهشت العالم كما أدهشتنا نحن اليمنيين بسلميتها وشجاعتها لم تكن وليدة اللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم بكل تفاصيلها وتجلياتها الرائعة بل كانت نتيجة معاناة تراكمية من الممارسات الخاطئة للنظام على كل المستويات مما عزز قناعة الشباب بأنه لا مجال لإصلاح الأوضاع إلا عبر الثورة السلمية المطالبة بالتغيير نحو الأفضل.

لقد تجاوب مع ثورة اليمن ثورة الشجعان كل أبناء الوطن وتوحدوا جميعاً في ميادين الحرية ونالت ثورتهم إعجاب الكثير من شعوب العالم لأنهم عكسوا الصورة المشرقة لأبناء اليمن التي شوها إعلامنا وخاصة رجال القبائل الذين تركوا أسلحتهم وانخرطوا في الثورة المدنية يواجهون الرصاص بصدورهم العارية إيماناً منهم أن التغيير له ثمنه الباهض وأن طريق الحرية ليس مفروشاً بالورود ولقد سمعت العديد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة في بلادنا وهم يثنون على المظهر الحضاري للشباب ورجال القبائل في ساحات التغيير وميادين الحرية الذين يعكسون بما يقومون به الصورة الحقيقية الناصعة لليمنيين الذين هم أصحاب حضارة ضاربة في أعماق التاريخ الأمر الذي جعل السلطة تضيق ذرعاً من ذلك وتعتبر اليمن قنبلة موقوتة وأن حكمها كالرقص على رؤوس الثعابين .

أبائي العلماء والمشايخ

لقد توحد الشعب اليمني بكل شبابه وفئاته وأحزابه وقبائله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه وراء هدف أساسي هوا التغيير السلمي وضرورة تنحي الرئيس لأن بقائه في ظل الانقسام الحالي يعتبر فتنة وأن اللازم عليه أن يترك السلطة إحتراماً لإرادة الشعب ومنعاً لإزهاق المزيد من الأرواح وسفك الدماء وأن لليمن رب يحميه والشعوب - كما قال الرئيس اليمني السابق عبد الرحمن الأرياني رحمه الله - خزائن الله وخزائن الله مليئة بالرجال وأن القول بعدم وجود البديل هوا إنتقاص في حق الشعب اليمني .

الضيوف جميعاً:

إن اجتماعنا اليوم هو لإطلاعكم على المستجدات وتطورات الأحداث وكذلك من أجل التشاور المبدئي معكم حول ماذا يجب أن نقوم به وكذا إمكانية أن يتم الترتيب للقاء آخر أوسع من هذا الملتقى لكننا في كل الأحوال نريد أن نؤكد من خلال هذا الجمع الطيب أننا مع الثورة السلمية ومع التغيير نساند الشباب في إعتصاماتهم السلمية ونؤكد على ضرورة الإستجابه لمطالبهم التي أصبحت اليوم هي مطالب الشعب التي يجب إحترامها وأكبر دليل على ذلك هو بقاؤهم في الساحات أكثر من شهرين ، واكبر دليل على ذلك أيضا مسيرات الأمس الفخمة ،وأن أي مغامرة من السلطة للتملص من الإستحقاقات الراهنة للوطن ما هي إلا إطالة لمعانات اليمن واليمنيين وإرهاق للوطن وتعطيل لحركة البناء والتنمية وإفراغ لخزينة الدولة من أجل التعلق بالأماني والأحلام إزاء واقع ملموس يفرض إعمال العقل والتوقف عن العبث الذي سيتحمل نتائجه من يسعى إليه.

والتغيير هو سنة من سنن الله في الكون ، ولم يعد شباب التغيير في الميدان لوحدهم فقد أصبح الجيش والأمن والوطن معهم كما أن مواقف الأشقاء والأصدقاء تدعم التغيير لأنه أصبح ضرورة وحاجة ملحة للخروج من الأزمة الراهنة.

وفي الختام نترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا في ساحات الحرية في مختلف المحافظات ونعاهدهم على المضي في درب الثورة السلمية والتغيير نحو يمن خال من الفتن والحروب والتخلف والفساد ، يمن لكل اليمنيين وليس لعائلة أو لفرد مهما علا شأنه ، وأوكد وأكرر وقوفنا مع الشباب وان من أولويات الثورة هي القضية الجنوبية والمواطنة المتساوية، واليمن وخيراتها ملك الجميع وليست لفئة معينة أو جهة معينة أو حزب بعينه ،أسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه . 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp