لا تزال آثار الحرب شاهدة على جرم نظام المخلوع



انطلقت الثورة الشبابية الشعبية السلمية في الحادي عشر من فبراير من العام 2011 وانطلقت معها القبيلة كمؤيد ومناصر للثورة، لتشارك في إسقاط النظام العائلي، الذي جعل من الديمقراطية الزائفة مبررا لنهب وبيع الشعب اليمني أرضا وإنسانا.

القبيلة استطاعت ان تثبت للشعب اليمني مدى ملائمتها للمفاهيم القبلية مع الزمان والمكان، واستطاعت ايضا ان تتبرأ من سياسية النظام العائلي الذي أراد ان يقضي على الثورة وأنصارها.
القبيلة لم تتأخر في الانضمام المبكر للثورة وكذلك لم يتأخر عقابها لانضمامها للثورة، حيث باشرت قوات صالح حينها الحصار والتواجد المكثف على مداخل حي الحصبة بصنعاء بعد ان اعلن زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الاحمر تأيده لثورة الشباب، متحدثا من على منصة ساحة التغييىر بصنعاء: باسمي وبسم قبائل حاشد وكل من تبعني من قبائل اليمن نعلن انضمامنا لثورة اليمن ثورة الشباب السلمية...وذلك بعد مجزرة جمعة الكرامة الذي راح ضحيتها نحو 53 شهيدا والمئات من الجرحى، فانضمام الشيخ صادق الأحمر للثورة في 23 من مارس هو التاريخ نفسه الذي دشن فيه علي صالح الحرب على بيت الأحمر وذلك في( 23 من مايو) من العام ذاته، انتقاما لتأيدهم لمبدأ السلمية الذي انتهجه شباب الثورة في عموم محافظات الجمهورية.

من هذا التاريخ المشئوم ( 23 مايو) اعتقد صالح ان الانتقام من مؤيدي الثورة سيكون سهلا عليه وعلى قواته العسكرية والأمنية، فباشر يومها بالصاروخ الغادر الذي استهدف منزل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أثناء تواجد الواسطة الذي كان على رأسها اللواء غالب القمش وابو حورية والعديد من المشائخ والوجهاء.

جهل صالح او تجاهل ان استهداف أنصار الثورة هو استهداف الثورة ومشروع التغيير الذي خرج اليمنيون يحملون لوائه، تجاهل ان الاعتداء على منزل الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر هو اعتداء على منزل كل يمني، ومن هنا أوحى الى قومه ان دمروا كل شيء في الحصبة ليتسنى لكم بعدها القضاء على الفرقة الأولى مدرع وصولا إلى ساحة التغيير بصنعاء حينها سيعلن على ملئ من قومه الانتصار.

أرسل الواسطة برئاسة اللواء القمش وأرسل بعدهم صاروخ العيب الأسود الذي استهدف كل من كان في منزل الأحمر حيث تواجد الوساطة مع الشيخ صادق الأحمر وإخوانه، الصاروخ الذي أنصدم تحت نافذة المكان المتواجدين فيه لينفجر وتصل شظاياه الى كل الحضور ليفشل الهدف وظهرت النوايا السيئة التي كان يبيت لها صالح.

صالح لم يعد صالحا حين غدر بالوساطة بصاروخ العيب الأسود - كما يسمى في العرف القبلي - في 24 مايو، فبيان صادر حينها عن لجنة الوساطة حمل صالح المسؤولية الكاملة إزاء الغدر الجبان بالوساطة والوسيط، واعلنوا وقوفهم مع الشيخ صادق الاحمر.
اما البيان الصادر عن مكتب الشيخ صادق الأحمر حينها أشار الى صالح شعر وأبنائه بالإفلاس والفشل والإحباط حيث لم من إخراج الثورة الشعبية عن سلميتها بعد شعورهم ان الرحيل قاب قوسين او أدنى أراد ان يحول الثورة إلى صراع لتفكيكها.

كما أشار البيان الى ان الشيخ صادق الأحمر يؤكد وإخوانه أن هذه الاعتداءات والجرائم لن تثنيهم عن أدوارهم الوطنية واستمرارهم في مناصرة ثورة الشعب السلمية حتى تتحقق أهدافها ويعتبرون أنفسهم مشاريع شهداء لهذه الثورة التي أبهرت العالم وشهد بسلميتها الشعب اليمني والعالم وان على علي صالح أن يدرك أن إرادة الشعوب هي من إرادة الله والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

لقد زلزل هذا البيان الارض من تحت اقدام صالح، لقد يتوقع انتصارا مدويا، او انحرافا لمسار الثورة عن سلميتها، لكن الثورة وانصارها حافظوا على الخيار السلمي، واعلن الشيخ صادق الاحمر حينها انه بمقام الدفاع عن النفس واستمر من يومها الضرب العشوائي والمنظم على الحصبة وما جاورها بطريقة جنونية خلفت العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى.
يعلم صالح جيدا من يواجه لكنه أراد ان يعلب بالنار عليه وعلى اعدائه كما يقول لكنها دارت عليه فسقط بفعل الثورة وانتصرت الثورة وسجل التاريخ احداثها ودور انصاراها في الحفاظ عليها.

القبيلة والثورة

الشيخ صادق الاحمر الذي حاول عدم الانجرار الى العنف كان يدعو انصاره بعدم الرد على مليشيات صالح وخصوصا بعد الهدنة المتفق عليها برعاية خليجية، ونحن نتذكر بما جاء به بيان عن مكتب الشيخ صاق والذي قال فيها: إننا اذ نجدد إلزامنا بما قطعناه على أنفسنا من هدنة لحقن الدماء ونشر الأمن والطمأنينة لنؤكد ان ذلك ليس من موقف الضعف آملين ان يعي الغوغاء المقامرون ان القوة ليست في السلاح بل هي في قوة الحق الذي نؤمن به ونسير عليه... وهو ما يثبت القدرة على الرد لكن حقنا للدماء جاء هذا البيان.

ورغم تأييد الشيخ صادق للثوار اليمنيين ومطالبته برحيل صالح، فإن البعض يرى أن الأحمر ممن يحاولون القفز على الثورة اليمنية محاولا اختلاق دور له ولقبيلته، لكنه دافع عن نفسه قائلا «إن الثورة اليمنية ثورة الشباب، ولن يفرض أحد عليهم شيئا، لا أنا ولا غيري، وإنني أعاهد الله اليوم أنني لا أطمح في أي سلطة».
حرصت القبيلة على الطابع السلمي للثورة رغم المحاولات المتكررة من قبل النظام لجرها إلى مربع العنف وأثبتت أنها أكثر وعياً. ولعل حرب الحصبة دليلاً على أن القبيلة تدرك أنه ليس من مصلحة الثورة السلمية أن تنتصر القبيلة على الدولة. وعن الدور الذي لعبته وستلعبه القبيلة لانتصار الثورة والدولة في اليمن، فرغم وقوف القبيلة ضد الهجوم على الحصبة إلا إنها و في ظل المناخ السياسي الجديد الذي وفرته الثورة السلمية أصبح أبناء القبائل على رأس الدعاة لقيام الدولة المدنية الحديثة، وتؤكد أن الدولة المدنية "مشروع حضاري إنساني يواكب روح العصر ولن تكون القبيلة عائقاً أمام هذا المشروع.

ومن هنا قدمت القبيلة الكثير من التنازلات لوقف سفك الدماء فكان لها الدور الريادي في عملية السلام الذي شهدته الحصبة بعد حرب دامية لم تفرق بين صغير و كبير وبين منزل ومسجد، ولا يزال آثار الدمار شاهدا على جرم صالح وقواته في حق أبناء الشعب اليمني وذلك لتأيدهم الثورة الشبابية الشعبية، ولا تزال أيضا الكثير من التساؤلات حول واجب الحكومة حول اعادة اعمار الحصبة والاحياء الاخرى التي شهدت قصف من قوات صالح الذي لم يعد صالحا منذ ان شن الحرب على ابناء شعبه، وكذلك ينتظر الشعب اليمني تنفيذ توجيه المكتب الفني للنائب العام بالتحقيق مع صالح ونجله في قضية الوساطة المغدور بها بمنزل الشيخ عبد الله الأحمر، وكذا تعويض عشرات المنازل المتضررة والمحلات التجارية التي عليها اثار الدمار الشاهد على جرم صالح وقواته.