في ذكرى قصف الحصبة..
ورغم أن القبيلة هي مركز القوة في هذه الثورة فقد كان انخراطها في نهج ومنهج الحركة الإسلامية اليمنية التربوي بمثابة تسييج لقوة أصالتها وتشذيب لسلبياتها بحيث عملت الحركة الإسلامية التي تنتمي إليها القبيلة على تمدينها بصلابة شكلت سياجا واقيا من أن تصبح المدنية تفكيك يقود إلى رخاوة قيمية لدى القبيلة فتجد القبيلي اليمني رجل يحترم قيم الإسلام والتشريع الإسلامي وينصاع لتعاليم القرآن انصياع الواعي المستلم لقوة الحق سبحانه وتعالى لأنه يدرك في صميمه أن الله أكبر من كل شيء ، ولذلك فإن وهج يقينه الإيماني يشعل لديه جذوة الإحساس باليوم الأخر ، ومن هناك كان ذكر الله واليوم الآخر بالنسبة لأفراد القبيلة ومجموعها ونخبها هو بمثابة تقوية فاعلية التحدي الواعي المواجه لمختلف أشكال الظلم والطغيان والجبروت والتكبر في الأرض بغير الحق.
إن حادثة ضرب الحصبة كشفت حقيقة منطقية لا يمكن تجاهلها هي أن النظام ركز على قوة الثورة وعضلاتها المفرودة بإباء وانتماء لخيار الشعب اليمني وثورته ، وأحلامه ، فقد كان يعتقد النظام أن تصفية مشائخ القبيلة ورؤوسها الواعية هو بمثابة إضعاف أكيد لقوة الثورة وقطع لشريان تجددها ودفقها الحيوي ، كما يؤكد أن ما يسمى بالقوى التنويرية العلمانية هي من دفعت الأخير "النظام السابق والساقط" الى فعل هذه الجريمة فقد ظل مشائخ اليمن وعقلاءها مستهدفون من قبل الرؤساء الذين تعاقبوا على اليمن بسبب النزعة الأيدلوجية القومية والاشتراكية والليبرالية التي تزعم التحديث وأن هؤلاء المشائخ سواء كانوا مشائخ قبائل أو مشائخ دين عقبة كأداء امام علمنة اليمن وتحديثها ، وأنهم سبب تخلفها ، تماما كما يرون ولازالوا أن الاسلام هو سبب تخلفها ..
وما وقوف هذه القوى المنحرفة في بلادنا والدخيلة على قيمه وأصالته وعقيدته مع الثورة الا غلطة تكتيكية فتفاعل العلمانيون مع الثورة كان خطأ علمانيا غير مقصود..خطأ ارتكبته العلمانية في حق نفسها ولم تنتبه إليه إلا بعد فوات الأوان لقد أدركت العلمانية أن الثورة على الاستبداد الداخلي لم يكن بطبيعته سوى مقدمة للتحرر من الغرب الذي يدين له العلمانيون العرب..