في ذكرى رحيل حكيم اليمن وصمام أمانها وأمنها



اليوم هي الذكرى السابعة لرحيل حكيم اليمن وصمام امنها السياسي والامني والاجتماعي الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رحمه الله ، المرحوم لم يكون مجرد شيخ مشايخ اليمن ، او زعيم تاريخي ونضالي او نافذ او مسئول كبير ، اثبت غيابه انه كان صمام اليمن وشوكة الميزان لكل قضايا اليمن ..
بعد رحيل الشيخ عبدالله رحل معه التوازن السياسي والقبلي والامني ، وكأنه كان يمثل جهاز الامان ، لمنع الانفجار الذي حدث بعد رحيله علي مستوي القبيلة اليمنية بشكل عام وحاشد بشكل خاص اضافة الي التدهور في الجانب السياسي والامني والخلل الذي اصاب البنية التحتية للسلطة ..

برحيل الشيخ عبدالله الاحمر رحلت معه قيم القبيلة واعرافها وغابت الحكمة والرشد والرأي الراجح ، ولانه - رحمه الله - كان مرجعية للنظام وللحاكم والمحكوم والقبيلة والسياسي كان يمثل منبع الحلول الوسطية وكان وجوده يعمل علي تذويب وتفويت فرص المغالاة والتطرف والتهور وكان يفرمل كل من يحاول التهور والطيش ..

مرجعية الشيخ عبدالله السياسية والاجتماعية كان يوظفها لازالة بؤر التوتر ونزع فتيل الازمات والصراعات سواء بين السلطة والمعارضة او بين اجنحة السلطة او اطراف المعارضة السياسية وكذلك الصراعات القبلية المختلفة ، ولم يرضي يوما او يسكت عن وجود مشكلة دون ان يبادر ويتدخل لحلها ، ولهذا كان منزله قبلة يحج اليه الكل من الرئيس الى الوزير والقائد والعالم والاكاديمي والشيخ والغني والفقير ..
كان يولي قبيلة حاشد اهتماما خاصا ويضحي من اجلها لمعرفته ويقينه بأهمية ذلك لانها واجهة نفوذه ومكانته وكان رجالها ومشائخها ووجهائها يعيشون مرفوعي الرأس وكأن علي رأسهم الطير دون ان يعرفوا ان مصدر تلك المكانة هو وجود وجهد الشيخ عبدالله واهتمامه بالقبيلة وابنائها وكان يتولي حل اي قضية او مشكلة تنال من اي شخص ينتمي لحاشد ..

ان الانهيار الذي اصاب القبيلة وخاصة قبيلة حاشد التي تعرضت لضربة قوية اضعفت مكانتها وحولتها الي مجموعات متصارعة فيما بينها من طرف ومحموعات تعمل لتأجير وبيع مواقف القبيلة وصاحب ذلك مواقف تواطؤ وخيانة وتآمر وسباق دون اهداف محددة ، كل هذا حدث نتيجة الفراغ الذي حدث نتيجة غياب الحكمة والرشد والتوازن وقراءة الواقع والمتغيرات والذي كان يمثله الشيخ عبدالله ..
الارث الاجتماعي والسياسي والمالي الذي اسسه الشيخ عبدالله لقبيلة حاشد لم يستوعب اهميته رجال حاشد او جبهة مشائخ حاشد التي بعثرة القبيلة وحولتها من قبيلة تقف علي رأس الحدث وصناعته الي قبيلة مفعول بها لا اهمية لها ولاثقل خاصة بعد ان قبل رجال حاشد علي انفسهم ان يكونوا اداة هدم وتدمير مركز قوة القبيلة المتمثل بآل الاحمر ، بل اصبحت القبيلة من بعد هذه التصرفات تضرب بها الامثال لكل عمل سلبي فلم تعد القبيلة من بعد الاحداث السنة الاخيرة سوي قبيلة انهزامية مجردة من القوة ..

غادر الشيخ عبدالله الحياة وغادرة معه سلطة الحاكم ونفوذه وغادرة الحكمة والوفاق وغادرة اخلاق القبيلة التي تهاوت وانحدرت سلبا بشكل مخيف ، بمغادرته غادر ايضا النظام الجمهوري والوحدة والسلام ، صحيح انه لم يكون يتحكم علي شئون البلد بشكل مباشر لكنه كان حاضرا بمكانته ووجدانه وضميره ومبادرا في كل مهمة ..

مثلما كان مصدر الهام الجمهورية وبقائها كان مصدر الهام السلام والوئام ، كل هذا بسبب يمنيته وحبه لوطنه وتسخير مكانته وماله لخدمة اليمن الذي افتقدت له ولحكمته ولو كان موجودا فإن احداث 2011 لم تكون بالشكل الذي تم ولو كان حاضرا كانت الاضرار ستنخفض علي كل الاطراف ولن يتعرقل التغيير وارادة اليمنيين بالشكل الذي تم بعد 2011 ..


اما علي الصعيد الاقليمي والعربي والاسلامي كانت مواقفه واضحه وثابته ومعلنه ، حيث كانت قضية فلسطين بالنسبة له هي القضية الام والمركزية وكان يتمتع ببعد استراتيجي للقضايا القومية والاسلامية وكان لمواقفه المعلنة والثابتة علاقة مباشرة بمحاولة اغتياله في السنغال والتي كانت سبب مباشر بتدهور حالته الصحية ، كما ان الوحدة العربية بالنسبة له تعتبر الطريق الي النصر وان ضعف العرب ناتج عن وجود العرب في كيانات " دويلات " صغيرة وغير فاعلة ، كما كان احد الداعمين والعاملين علي دعم وحدة فصائل المقاومة الفلسطينية، ولاهتمامه بالقضايا العربية والاسلامية وجهوده بدعم حق الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال الصهيوني ساهم مع عدد من العلماء والشخصيات البارزة في العالم العربي والاسلامي بتأسيس مؤسسة القدس الذي كان يتولي فيها منصب نائب رئيس مجلس الامناء ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الاقصي وفلسطين ورئيس اللجنة الشعبية لمناصرة الشعب الكويتي بعد الغزو العراقي ورئيس اللجنة البرلمانية للقدس وفلسطين وعضو مجلس امناء منظمة الدعوة الاسلامية ، وكانت له مواقف واضحة وقوية من كافة القضايا العربية والاسلامية والعالمية مثل قضية مكافحة الارهاب وموقفه الايجابي بضرورة نزع اسباب الارهاب ودور السياسة الامريكية والغربية بتهميش قضايا المسلمين واستفزاز مشاعر المسلمين وغيرها من القضايا ..


لم يتأثر المرحوم بالجاه والسلطة والمال والتخلي عن ثقافة واعراف وسلوكيات القبيلة ، فكان محافظا وملتزما بالاعراف القبلية الحميدة ، وملتزما بالارث الثقافي والسلوكي للقبيلة فكان شهما وكريما ومتواضعا ومقداما وصاحب نخوة ومبادرا ووفيا ولم يعرف عنه النكوث بوعد قطعه علي نفسه او التراجع عن اي التزام ، وعلي المستوي الانساني والاجتماعي كان ابا للايتام والفقراء والمحتاجين وكان لمساهمته في الخير بصمات يعرفها القائمين علي الجمعيات الخيرية ومساهماته في تزويج الشباب والتعليم ..
ان اليمن خسرت واحدا من اهم ركائزها السياسية والاجتماعية والمعرفية وخسرت كفة الميزان الذي كان يقف حائلا بين التدهور والاصلاح ، 
الشيخ عبدالله كان سياسيا فذ البصيرة وحكيما راجح العقل وكان سببا مباشرا للاستقرار السياسي خلال العقود الاخيرة