إرث الشيخ الأحمر



المحرر السياسي لموقع الاصلاح نت
تحل الذكرى السابعة لرحيل فقيد الوطن الكبير الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر- رحمه الله- واليمن يمر بأحلك الظروف السياسية التي لم يشهد لها مثيلا طوال تاريخه، وهي من الخطورة بحيث لا تهدد أمنه واستقراره وحسب بل وتهدد وحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي كذلك، وهي مخاطر وتحديات لطالما تصدى لها الشيخ عبدالله الأحمر وكرّس لها حياته، ما جعله أحد رجالات اليمن القلائل الذين حضوا بإجماع معظم القوى السياسية والاجتماعية اليمنية.

على أن تلك الثقة الشعبية والرسمية الواسعة التي حظي بها الشيخ الأحمر أهلته لأن يلعب أدوارا وطنية متعاظمة كانت محل إعزاز وتقدير مختلف أبناء الوطن وقواه السياسية والاجتماعية. ويفتقر اليمن اليوم لشخصية كارزمية جامعة كشخصية الشيخ الأحمر الذي كان بحق أحد حكماء اليمن القلائل الذي استطاع بحنكته وخبرته ان يجنب البلاد الكثير من الصراعات، فالرجل إضافة إلى كونه كان زعيما قبليا مرموقا حظي بتقدير واحترام واسعين في الأوساط الشعبية فقد امتلك إلى جانب ذلك شخصية سياسية متمرسة توافرت لها الكثير من الخبرات والتجارب.

واستطاع الشيخ الأحمر-رحمه الله- توظيف خبراته الطويلة وعلاقاته السياسية والقبلية الواسعة في خدمة بلده والحفاظ عليه متماسكا برغم الظروف العصيبة التي أحاطت به منذ الوهلة الأولى لنشوب ثورة 26 سبتمبر 1962، وكان له أدوارا وطنية مشهودة في مقارعة الإمامة والاستبداد ومناصرة الثورة والجمهورية.

ويُحسب للشيخ الأحمر أنه لم يُعرف عنه لجوؤه للقوة والعنف وإثارة الفوضى في حل الخلافات السياسات سواءً مع رؤساء الجمهورية الذين عاصرهم أو مع أقرانه من زعماء القبائل الذين سلموا بقيادته ونظروا إليه بوصفه شيخ مشايخ اليمن وأحد أبرز رجالاتها المخلصين الذين كانوا في مقدمة الصفوف لنصرة بلدهم. تحاشى الشيخ الأحمر لغة القوة والعنف في العمل السياسي متجنبا كل أساليب التعبئة والتحريض المناطقي والطائفي مكرّسا عوضا عن ذلك أدوات النضال السلمي في حل الخلافات على الرغم من مقدرته في التحشيد الشعبي والاستقطاب السياسي.

كان الشيخ الأحمر من القلة الذين تجردوا من نزعة العنصرية والطائفية، وترفع أن يكون من تلك الزمرة التي لهثت وراء السلطة واجترحت لأجلها الموبقات، لكنه في الوقت نفسه كان رجل التوازنات السياسية والمهمات الصعبة على الصعيدين الداخلي والخارجي بالنظر إلى خبراته وما كان يمتلكه من ثقل سياسي وقبلي مسنودا بثقة الداخل واحترام الخارج وبرصيد نضالي كبير لا يختلف عليه اثنان.

نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى للاستفادة من إرث الشيخ عبدالله الأحمر الوطني والنضالي وإعادة تجديده لإعلاء قيم الخير والمحبة والسلام التي اشتغل عليها، وتغليب مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح ضيقة، ونبذ سياسة الإقصاء والاستحواذ، والاستثمار في إرثه السياسي السلمي لكبح عوامل السقوط والتصدي لدعوات الاحتراب والفوضى وتجاوز الخصومات السياسية، والالتفات لقضايا الوطن وإخراجه من أزماته والأخذ بيده إلى بر الأمان، ذلك هو إرث الشيخ الأحمر وتلك هي قضيته الوطنية التي ناضل لأجلها وأفنى فيها عمره.